أفراد الأسرة الجزائرية في عصر العولمة: بين الإتصال والعزلة

Abstract

أعلن "مارشال ماكلوهان"، منظر "القرية الكونية" في كتابه ذائع الصيت "الوسيلة هي الرسالة"، المنشور عام 1967، بأن "الوسائل الإلكترونية الحديثة جعلت البشرية في تفاعل دائم (اتصال مستمر) وبذلك لن يعيش "المجتمع البشري" في عزلة بعد الآن". لقي هذا الطرح نقدا لاذعا من طرف العديد من الباحثين أمثال "ريتشارد بلاك" الذي لاحظ أن مجتمع التسعينات ليس له نفس ميزات مجتمع الستينات الذي وصفه "ماكلوهان"، ليؤكد أن تكنولوجيات التسعينات تعمل على تفتيت الجماهير وتجزئتها. إن مفهوم "المجتمع البشري" يثير جدلا في الأوساط "المحلية"، حيث تتساءل: كيف يمكن أن نربي "مواطنين محليين" وفي نفس الوقت "مواطنين دوليين"؟ فإذا كانت التنشئة الاجتماعية هي عملية "غرس المهارات والاتجاهات الضرورية لدى النشأ ليلعب الأدوار الاجتماعية المطلوبة منه في جماعة أو مجتمع ما (قيم ومعايير تتفق مع قيم المجتمع)، فالمشكل هو وجود مجتمعين (مجتمع محلي وآخر دولي، قد تتناقض قيم المحلي مع قيم المجتمع الدولي). إن عملية "التنشئة الاجتماعية"، تتكفل بها المؤسسات الاجتماعية متحدة، وتبقى "الأسرة" الخلية الأساسية في بناء "المجتمع"، أين يكتسب الفرد أهم الاتجاهات النفسية والاجتماعية عن طريق التعلم والتقليد، وهي مصدر الأخلاق والرعاية الأولى لضبط السلوك... لكن مفهوم "الأسرة" بدأ شيئا فشيئا يتأثر بظاهرة العولمة، لنجد الفرد الجزائري في قلب هذا التغير، فهو ينتمي إلى أسرة، هذه الأسرة تنتمي إلى مجتمع متميز هو "المجتمع الجزائري: له عاداته وقيمه ومبادئه" والذي بدوره يندرج في مجتمع كوني: له خصائصه من قيم وسلوكات منمطة... "... في هذا السياق، نطرح إشكالية بحتنا كما يلي: ما مكانة الاتصال بين أفراد الأسرة الجزائرية في ظل العولمة؟ وهل عملت تكنولوجيا الإعلام والإتصال الحديثة على جعل أفراد الأسرة الواحدة أكثر تفاعلا أم على العكس عملت على عزلتهم؟ وكيف يمكن إدراج الحكمة العربية الشهيرة "ربوا أبناءكم على غير أخلاقكم فإنهم خلقوا لغير زمانكم" في تفعيل الإتصال الأسري؟ إن الإجابة على أسئلة الإشكالية يتطلب منا ضبط بعض المصطلحات: الإتصال، الأسرة، العولمة، تكنولوجيات الإعلام والإتصال...