الموقف الابستيمولوجي لعلوم التربية و إشكالياتها ''وقفة تحليلية في ظل إسهامات كرستوف ولف ''<<WULF >>

Abstract

تتلاقى وجهات نظر جمهور مفكري علم المستقبليات FUTUROLOGUES في أن علوم التربية مرشحة لاحتلال الصدارة في اهتمامات العاكفين على التطوير الحضاري وذلك لدواعي محددة تتمثل أساسا في الحاجة إلى استغلال القابلية اللامحدودة للإنسان في التعلم وكذلك السعي اللامتناهي لهذا الكائن لاستكمال نفسه قصد بلوغ ما أمكن من كمال. وباعتبار علوم التربية علوما فتية في حقل المعرفة العلمية وهي علوم تتناول الإنسان من حيث كيانه و مصيره؛ فإنها ما فتئت تزداد رسوخا في المحافل العلمية وتجذرا في الأطر الأكاديمية وينجذب نحوها عدد هائل من المختصين والدارسين. وبناء على هذا وفي ظل النضج المتزايد لهذه العلوم وتطورها السريع والأهداف المنوطة بها نحتاج في واقعنا الجزائري إلى وقفة تبين القواعد الخلفية و الإسهامات الكبرى التي أفضت إلى هذا التطور. ومنه تحاول هذه المداخلة الكشف عن إحدى الإسهامات الكبرى وهي تلك التي قدمها << كرستوف ولف WULF >> حول انبثاق هذه العلوم وتطورها لنبين أهميتها وأثرها في راهن هذه العلوم و كذلك في افاقها المستقبلية والاستفادة منها في التكوين و الإنماء الاجتماعي. وفي ظل ما سبق تسعى هذه المداخلة للإجابة على الأسئلة التالية: - ما مدى التطور الذي شهدته علوم التربية في ضوء الوصف الذي قدمه كرستوف ولف؟ - ما مدى إستفادتنا من هذه الإسهامات في إرساء هذه العلوم في بلادنا؟ - ما مدى تأثير علوم التربية في حل المشكلات التي تعترض عملية الإنماء الاجتماعي والتربوي في واقعنا؟

وللوقوف على علوم التربية والتعرف عليها أكثر يمكن الاعتماد أساسا على أعمال كرستوف ولف WULF الذي لم تصدر أولى ترجماته إلى الفرنسية سوى في 1995، فهذا المفكر يقدم علوم التربية انطلاقا من تساؤلات ابستيمولوجية محددة، إذ يطرح ما يلي: - ما هي البرادغمات أي عقد المشكلات المكونة لعلوم التربية ؟ - في ماذا حدث تطورها عبر الزمن ؟ - كيف يرتبط التنطير والتطبيق في علوم التربية ؟ - كيف يرتبط البحث وتغير الممارسات في علوم التربية ؟ وبهذا كان ولف WULF يبحث عن إقامة أو تشييد تاريخ الإشكاليات الخاصة بعلوم التربية، وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى التذكير بان هذا المفكر أي كرستوف ولف WULF ولد سنة 1944 وهو أستاذ علوم التربية منذ 1973 بالجامعة الحرة ببرلين. وهو باحث ومؤلف لأكثر من خمسين (50) كتابا في الموضوع، وهو احد الوجوه البارزة الممثلة لعلوم التربية الألمانية المعاصرة. إن تقديم علوم التربية يفترض القيام بعمل سياقي "CONTEXTULIALISATION" دقيق، ذلك لأن التقاليد الثقافية تختلف من بلد إلى بلد.