الحكومات في مواجهة خطر غسيل الأموال

Abstract

لقد تزايد الاهتمام الدولي في الآونة الأخيرة بمجاﺑﻬة عمليات غسيل الأموال غير المشروعة، خاصة مع اتساع نطاق هذه الظاهرة عالميًا في ظل العولمة وتصاعد ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات وغياب الشفافية في التعاملات التجارية في كثير من دول العالم، الأمر الذي ترتب عنه مجموعة من الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية نتيجة الارتباط المتنامي بين هذه العمليات وعصابات الجريمة المنظمة العالمية. وبالرغم من أن ظاهرة غسيل الأموال مازالت محدودة في دول كثيرة بشهادة المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إلا أنه من الواضح وجود قلق متزايد بين هذه الدول من هذه الظاهرة، وهو ما تعبر عنه سلسلة التصريحات التي يدلي ﺑﻬا المسئولون السياسيون في هذا الشأن وإصدار مؤسسات النقد والبنوك المركزية تعليمات إلى البنوك باتخاذ الإجراءات التي تساهم في الحيلولة دون حدوث عمليات غسيل الأموال، وكذلك النقاش الذي يدور اليوم في البرلمانات ومجالس الحكومة وما نقرؤه ونسمعه من خلال وسائل الإعلام. وقد اتجهت فعلا العديد من الدول، ومنها الجزائر، إلى إصدار تشريعات وقوانين تجرّم هذه الظاهرة وتحد من انتشارها. ولا يخفى ما يتركه الاتجاه المتزايد نحو العولمة وسقوط الحواجز التجارية وغير التجارية وثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، الذي يعد من أبرز العوامل التي تكسب قضية غسيل الأموال خطورة متنامية في العالم، على اعتبار أن عمليات غسيل الأموال لا تقتصر آثارها على الفترة التي حدثت فيها ولا على المكان الذي تقع فيه، ولكنها تحدث اختلالا مزمن في تدفقات الأموال وتشوّه النشاط المالي والاقتصادي الرسمي، كما تمتد عبر الحدود إلى العديد من المؤسسات والدول. يضاف إلى ذلك تسارع الاندماج في ظاهرة العولمة، حيث تشهد العديد منها انفتاحًا ملحو ً ظا في أسواقها المالية على العالم الخارجي وحرية كبيرة في إتمام المعاملات الدولية، وانتقال رؤوس الأموال من الداخل للخارج والعكس، الأمر الذي يجعل معظم دول العالم عرضة بطبيعة الحال لعمليات نشطة لغسيل الأموال، خاصة أن تلك العمليات أصبحت ﺗﻬدد جميع الدول واﻟﻤﺠتمعات دون استثناء وتقف وراءها عصابات دولية منظمة بأعلى صور التنظيم والإعداد والدقة لكون هذه العمليات تقدر بمليارات الدولارات. وعلى هذا الأساس فان صد هذه الظاهرة ومكافحتها والقيام بإجراءات احترازية والوقاية منها أمر في غاية الأهمية، يجعل من التعاون الدولي وتنسيق الجهود ضرورة ملحة وحيوية.