Please use this identifier to cite or link to this item: https://dspace.univ-ouargla.dz/jspui/handle/123456789/15727
Title: التّفكيرُ اللسانيّ العربيّ المعاصر: تّجــاهــاته، قضــاياه، و آفاقــــــه. دراسة تحليلية في ضـــوء نظريّة المعرفة العلميّة
Authors: عبد المجيد عيساني
جيدور, عبد الكريم
Issue Date: 2017
Abstract: التفكير اللسانيّ العربيّ الـمعاصر هو الموضوع الذي تناقشه هذه الدراسة، من خلال مقاربة تـحليليّة تقويـمية، في إطار نظرية المعرفة العلمية، تَعِد بالتركيز على ثلاثة من أكبر جوانبه؛ الاتجاهات، القضايا، و الآفاق الـمُستقبلية. و سيجد المهتمون باللسانيات العربية؛ أساتذة و طلبة و باحثين، عرضا جديدا مختلفا لأمهات القضايا المطروحة في هذا المجال، زيادة على اقتراحات و أفكار تنشد التوفيق بين النظريات و الاتجاهات المتعارضة، و تعكس -في الوقت نفسه- الثراء الكمي و النوعي اللافت الذي أنجزته العقول العربية خلال العقود القليلة الأخيرة. إن حضور اللسانيات في الخطاب العربي يسجّل تاريـخًا ناهز الخمسين سنة، امتد فيها هذا العلم كما و نوعا، و تكاثر فيه الباحثون، و تراكمت فيه الدراسات و الأبحاث، و ظهرت الاجتهادات و النظريات، كما ظهر أيضا الاتفاق و الاختلاف. من أجل ذلك كان من المنطقي لطلاب هذا الميدان و للباحثين و المختصين الوقوف في هذه المرحلة الهامة، مع هذا الكم المتدفق من الجهود المتواصلة و قفة لائقة؛ لفهم الذات الباحثة، و تعلم الدروس الـمُناسبة، و التساؤل عن موقفنا النقديّ تـجاه هذا الثراء الـمعرفي. إن مصطلح "التفكير اللساني" الذي استُخدم بطريقة أساسية في هذه الدراسة، يعبّر عن ثلاثة مستويات تتلخص دلالتها فيما يلي: الانشغال و التفرغ و القيام بنشاطات ذهنية معينة في مـجال اللسانيات العربية، العمليات العقلية الـمطلوبة لإنجاز هذا الانشغال من حيث مكوناتـُها و ترتيباتـُها و مستوى فعاليتها، إضافة إلى الجهد المادي المنجز عن طريق هذا الانشغال و بواسطة هذه الأدوات العقلية. هذا الإنجاز الذي أطلقنا عليه مصطلح "الخطاب اللساني" عندما يتعلق الكلام بـجانبه الحركي الذي له بدوره مظاهر متعددة؛ فقد يبدأ من البحوث الـمُحرّرة و الدراسات المنشورة، و يعتلي حتى يصل إلى الحوارات و المحاضرات و نظائرها من الخطاب الشفوي. كما أطلقنا على هذا الإنجاز، في بعض المواضع القليلة، مصطلح "التراكم" للإشارة إلى خاصية أساسية تلاحظ عليه و هي تفاعله مع الخط الزمني في البُعدين الكمي و النوعي، و الغاية من ذلك التنويه إلى ما يفرضه الميدان من تـجديد و ابتكار في الأدوات و الـمناهج الخاصة بـمراقبة هذا الإنجاز و الإحاطة بتعقده و توسعه المتزايد. لقد أجبنا في الفصل الأول عن الإشكالية المبدئيّة المتعلقة بكيفية الاقتراب من الخطاب اللساني العربي الذي تراكم على مدار الخمسين سنة الأخيرة، فقدمنا المقاربة المعرفية التي اخترناها للوفاء بـهذا المطلب، و أوردنا توضيحات تبرّر هذا الاختيار، منها إمكانية الدمج في إطار واحد بين مناهج عديدة كالاستقراء و الإحصاء و المقارنة، و أهم من ذلك فتحُ المجال لاستنباط النموذج المعرفي الذي يحكم نشاط الباحثين، و يحدد الكثير من اختياراهم المنهجية و اصطلاحاتـهم المفاهيمية. إن الفرضية الأساسية التي طرحناها بالتوازي مع استخدام المقاربة المعرفية هي فحص الاحتمال القائم حول إمكانية إجراء تعديلات محددة و جوهرية على مستوى النشاط العلمي المرتبط باللسانيات العربية لتغيير الضوابط و الآليات التي تحكم الحالة الراهنة، و بمعنى آخر: إذا عرفنا مكونات النموذج المعرفي الذي يسيطر على نشاط التفكير و البحث و التكوين فمن الممكن التدخل بصفة معقولة لإعادة بناء كل هذه المنظومة بما يُفضي إلى تحسين أدائها. ثم تطرقنا في الفصل الثاني إلى معالجة الإشكالية الثانية الخاصة بالاتجاهات، و في هذا المجال تطرقنا إلى مجاميع الرأي لا إلى النظريات و التصورات الفردية، و رتبنا هذه الاتجاهات على أساس قوة تأثيرها في المجتمع اللساني العربي، و تقدير الناشطين في هذا المجال لما يترتب عليها في النهضة اللسانية العربية، أو في برنامج البحث و التكوين المستقبلي. فتكونت منظومة من خمسة اتجاهات نثبتها هنا بحسب ترتيبها في الدراسة: الاتجاه التأسيسي، الاتجاه الإجرائي، الاتجاه التكويني، الاتجاه المهني، الاتجاه النقدي. و قد التزمنا إطارا منهجيا موحدا في مناقشة هذه الاتجاهات، ليكون بالإمكان استنتاج تقييم عام حولها، ينطلق هذا الإطار من التحقق حول وجود الاتجاه المذكور في الفكر اللساني العربي المعاصر، ثم محاولة تأصيل المفهوم الأساسي الذي يدعو إليه (التأسيس، الإجراء، التكوين، المهنية، النقد)، ثم عرض نماذج من الاقتراحات النظرية و المشاريع التطبيقية التي تبنت هذا الاتجاه، ليُختم التحليل بتقييم عام لهذه التجربة. في الفصل الثالث ركزنا على أمهات القضايا التي تسالم جمهور الباحثين على طرقها، فوجدنا أن المنبع الأول للتفكير اللساني العربي هو التفكير في اللسانيات بوصفها حالة أو إنتاجا عربيا متميّزا، و يتفرع هذا المنبع إلى روافد صغيرة تارة تتباعد و طورا تتقارب بناء على مواقف أصحابها من أكبر مكوّنين و هما: اللسانيات من جهة و اللغة العربية من جهة أخرى. في المواقف المبدئية حول اللسانيات العربية تبايُنات عميقة في التصورات و التطبيقات؛ فريق من الباحثين يعُد كل ما كتب عن اللغة العربية بأي لغة و في أي وقت جزءً من مشمولات هذا الميدان، في حين يرفض باحثون آخرون الاعتراف بالمكوّن الأجنبي. باحثون آخرون يربطون اللسانيات بالثقافة اللغوية و الأدبية المرافقة لها، فعندما نتحدث عن اللسانيات لا بد أن نعادل وضعها مع مدى انخراطها و مساهمتها في صنع الثقافة و إنتاج المعرفة العصرية. أما في التعامل مع القضايا الراهنة للغة العربية، فقد لاحظنا وجود ثلاثة أنماط تحرك التفكير اللساني؛ النمط البراغماتي أو التصاعدي، النمط الواقعي التنازلي، و النمط المركزي. ينطلق الأول من المقارنة و ضرورة مقايسة البحث العلمي في اللغة العربية بما هو معمول به في التجارب اللسانية العالمية الأخرى، و الهدف هنا هو عولمة اللغة العربية و التحاقها بالنادي الدولي للغات. النمط الثاني مُنكب على الوضع السوسيوثقافي للغة العربية في قطاعات الحياة المباشرة، بتعقُب دور اللغة العربية و طبيعة توظيفها، و أنواع الصعوبات و المشاكل التي تواجه مستعمليها في مختلف المجالات و المرافق المحلية. النمط الثالث يعالج اللغة في حد ذاتها -كما يزعم أصحابه- فينطلق من صورة اللغة الأدائية بغير تكييف، و يطبق مناهج و أدوات متنوعة للتحليل و الوصف و الكشف و التفسير، يقول بعض رواده إن مهمتنا كلسانيين هي دراسة اللغة و فهمها و التعبير عن مكوناتها بلغة العلم، و ليس من مهامنا التفلسف حول اللغة، أو الشكوى و التبرم من معضلاتها التداولية، لأننا حينئذ نقتحم أسوار تخصصات أخرى وظيفتها و مهمتها البحث و التحقيق حول هذه الجوانب. في الفصل الرابع وقفنا نتحسس مواطئ الخُطى على الحدود مع المستقبل القريب لهذا المجال، فسجّلنا في الفصل الأول العناصر الجديدة و المتجددة التي طرأت على بنية المعرفة اللسانية العالمية، و المكونات الإضافية التي تتحكم في البحث و التكوين. لقد وضحنا قيمة التكنولوجيا و شدة اندماجها في البحث اللغوي المعاصر، و أشرنا إلى الإنترنت بصفة خاصة، مع تحقيق حول واقع اللغة العربية في هذا المصدر المعلوماتي الكبير، و أثبتنا العديد من الآراء و الاجتهادات العربية التي حاولت أن تقارب هذه المسألة. ذكّرنا أيضا بالمصادر المتجددة، و نقلنا طرفا من التطورات الهامة التي حصلت في النظريات اللسانية الأساسية، كالتطورات المستجدة على النظرية التحويلية التوليدية و نظرية الدلالة التصورية، كل ذلك مشفوعا بالتحليل، و الإشارة إلى موقف الباحثين العرب من كل هذه الظواهر و العناصر الجديدة و المتجددة. الهدف من ذلك كله أن نصنع ترسيمةً لمصادر المعلومات التي يحتاجها الباحث و الطالب في اللسانيات العربية، لأن معرفة هذه المصادر و قيمتها و مدى نفوذ اللغة العربية إليها هو أول عدة التفكير المنهجي، ثم إننا في حاجة ماسة لأن نكون على بينة من أمرنا فيما لنا و ما علينا، و لندخل جديا في حالة من الوعي بالزمن العلمي الذي نحيا بين أكنافه. في المبحث الثاني وقفنا عند صورة المستقبل النموذجية في أذهان اللسانيين العرب و رغم اللغة السلبية و التعبيرات المحبطة التي تسالم على تكرارها الكثير من أهل الميدان، فإننا عثرنا على ذخيرة لائقة من الأفكار و الأطروحات الإيجابية التي لا تنعطف خِلسة حول العوائق بل تواجهُها بالصراحة و التقييم الملائم. لقد تبين لنا في مشوارنا مع التفكير اللساني العربي المعاصر أن هذا التفكير موجود و إنجازاته ليست حُلما أو قصرا من تراب؛ لقد كتبنا الكثير حول اللغة العربية، إحدى قواعد البيانات تكشف أننا كتبنا من المقالات و البحوث الجامعية أزيد من مليون صفحة خلال الخمسين سنة الأخيرة، و هو مقدار كاف لإنشاء خط مواصلات مباشر نحو القمر ذهابا و إيابا. أما الكتب و الدراسات المستفيضة و الملتقيات و الندوات و نظائرها من الجهود المبذولة في كل الجوانب النظرية و التطبيقية مشرقا و مغربا فهي أكثر من ذلك بكثير. إنه في الحق تراكم و ليس بركام أو أكداس مكدسة، تراكم فيه الكثير من الملامح الحسنة و العناصر النافعة، ثم إن كل داخل إلى رحابه، أو مطل متطفل جديد عليه يحاول قصارى الاستطاعة أن ينصف من سبقوه و يضيف شيئا في هذا الصرح الشامخ الذي نرى طوابقه تعلو يوما بعد يوم حتى صعُب على الرائي بعينه المجردة أن يرى كل أجنحته و أفنيته و زواياه.
Description: الفكر النحوي و اللسانيات
URI: http://dspace.univ-ouargla.dz/jspui/handle/123456789/15727
Appears in Collections:Département de Langue Arabe - Doctorat

Files in This Item:
File Description SizeFormat 
djidour-abdelkarim-Doctorat.pdf6,87 MBAdobe PDFView/Open


Items in DSpace are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.