القضايا اللغوية في تفسير النهر الماد من البحر المحيط لأبي حيـــان الأندلـــسي

Abstract

هذه الدراسة تعالج القضايا اللغوية في تفسير النهر الماد من البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، الذي يعد تفسيرا مهجورا، والبحث اللغوي فيه أمر مطلوب؛ حيث عني فيه صاحبه بتوجيه القراءات القرآنية، وفق ما تقتضيه المذاهب النحوية واللهجات العربية، مما جعل منه ميدانا خصبا للبحث اللغوي في جميع مستوياته، ولكنه لم يحظ بالدراسة نظرا لغلبة شهرة تفسير البحر المحيط عليه، لذلك آثرت أن أخصه بالدراسة وأكشف قضاياه اللغوية في بحثي هذا الموسوم بـ: "القضايا اللغوية في تفسير النهر الماد من البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي" ولما كان هذا التفسير يزخر بالعديد من القضايا اللغوية، ويحفل باللهجات العربية التي وجهت على أساسها القراءات القرآنية، كان البحث اللغوي فيه يستدعي الإجابة على الإشكال الرئيسي الآتي: ما هي القضايا اللغوية في تفسير النهر الماد من البحر المحيط؟ وهذا الإشكال يقود إلى جملة من التساؤلات الفرعية أهمها: - ما طبيعة القضايا اللغوية السائدة في النهر الماد؟ وما علاقتها بالقراءات القرآنية واللهجات العربية؟ - ما هو أثر اللهجات العربية في التوجيه اللغوي للقراءات القرآنية في تفسير النهر الماد؟ - إلى أي مدى وُفِّق أبو حيان في الفصل بين القضايا اللغوية المختلفة في نهره؟ وكيف كانت معالجته لها؟ وهل استفاد من آراء سابقيه من نحاة ومفسرين في ذلك؟ أما المناهج المتبعة في هذا البحث فهي: المنهج التاريخي لمعرفة سيرة حياة أبي حيان، ومسيرة علمه وثقافته، وتطور منهجه اللغوي، والمنهج الوصفي التحليلي المناسب لوصف الكتاب [تفسير النهر الماد]، ورصد وتحليل ما فيه من مسائل لغوية مختلفة. وأما الخطة التي بني عليها البحثفمقسمة إلى مقدمة وثلاثة فصولوخاتمة كما يلي: - الفصل الأول: أبو حيان الأندلسي وتفسيره النهر الماد: وفيه خمس محطات، خصصت أولاها لحياة أبي حيان الأندلسي وأهم آثاره، أما الثانية فخصصت لمؤلفات أبي حيان في اللغة والنحو، والثالثة تحدثت عن تفسير النهر الماد من البحر المحيط وعنايته بمسائل اللغة، والرابعة فيها آراء أبي حيان النحوية في النهر، والخامسة تعلقت بالظواهر الدلالية في النهر الماد. - الفصل الثاني: القضايا الصوتية في تفسير النهر الماد: وفيه ثلاث محطات، تتعلق أولاها بموضوع التوافق الحركي، أما الثانية فموضوعها الإعلال والإبدال والتعاقب، والثالثة خصصت لموضوع الإدغام والإظهار. - الفصل الثالث: القضايا الصرفية في النهر الماد من البحر المحيط: وفيه قسمان رئيسيان: الأول متعلق بالظواهر التصريفية في الأفعال، والثاني متعلق بالظواهر التصريفية في الأسماء. وقد اعتمد بحثي هذا على عدد معتبر من المصادر والمراجع، يأتي في مقدمتها كتب تفسير القرآن: كالبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، وتفسير الكشاف للزمخشري، والدر المصون للسمين الحلبي، والمحرر الوجيز لابن عطية...وكتب الاحتجاج للقراءات القرآنية: كالحجة في القراءات السبع لابن خالويه، والحجة للقراء السبعة لأبي علي الفارسي، وحجة القراءات لأبي زرعة... بالإضافة إلى العديد من المراجع والدراسات اللغوية والنحوية الحديثة ومنها:اللهجات العربية والقراءات القرآنية لمحمد خان، مسائل التصريف في البحر المحيط لعبد الله بن إبراهيم العمير، الدراسات النحوية واللغوية في البحر المحيط لعبد العزيز علي مطلك الدليمي... ومن أهم النتائج التي خلص إليها البحث نذكر: 1- أبو حيان الأندلسي موسوعة لغوية فذة، أينما حلت به قضية لغوية إلا وأدلى فيها برأيه، محتجا لها أم عليها، سواء كان في ذلك مجددا، أومتبعا، أو مصححا، أو رافضا، أو مرجحا، أو مضعفا... 2- النهر الماد تفسير لغوي بامتياز، جمع فيه أبو حيان بين علوم الدلالة والأصوات والصرف والنحو وغيرها، بأسلوب واضح ومختصر. 3- اهتم أبو حيان بالقراءات القرآنية، وأيدها ودافع عنها، واحتج لها باللهجات العربية. 4- اهتم كثيرا بقضية الإعراب، وبنى على أساسها آراءه وأحكامه النحوية، لِما لها من أثر في فهم المعنى، ومعرفة دقائق التعبير القرآني. 5- اجتهد في العديد من القضايا النحوية التي لم يرتض فيها بآراء سابقيه من النحاة والمفسرين، مما جعله ينفرد بآراء وأحكام نحوية. 6- حَرص على التمييز بين المعاني الحقيقية والمجازية في الأساليب القرآنية، وأكَّد على دورها في فهم النص القرآني. 7- تفسير النهر الماد أقل حجما من البحر المحيط، إلا أننا وجدنا فيه بعض القضايا اللغوية التي لم يذكرها أبو حيان في البحر المحيط، أو عدَّل في موقفه منها. 8- إن المطلع على الدراسات اللغوية التي تناولت البحر المحيط من جهة، وهذه المحاولة لدراسة تفسير النهر الماد، يدرك أهمية الموازنة بين التفسيرين لغويا، وهو ما يجدر البحث فيه لاحقا. وإجمالا نقول أن طرح أبي حيان لهذه القضايا اللغوية الكثيرة والمتنوعة في نهره، يبرز آراءه ووجهات نظره المختلفة منها، ويعكس سعة ثقافته وإحاطته بها. وكل ذلك يسهم في تقريب المعنى المراد، ويصب في خدمة التفسير، من خلال الربط بين الدلالة ومستويات اللغة الأخرى؛ مما يزيد النهر الماد قيمة وأهمية ووضوحا.