النضج المهني للعامل وعلاقته بالاستراتيجيات التي يعتمدها للتكيف مع ضغوط مهنته.

Abstract

يواجه جميع الأفراد ومهما اختلفت أوضاعهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ضغوطا مختلفة في حياتهم اليومية تنعكس على صحتهم النفسية والجسدية وتؤثر على كفاءة أدائهم. وبوصف العمل مطلبا اجتماعيا وثقافيا فانه يمثل ضغطا على الفرد ناهيك عما يتضمنه من مصادر للضغوط المهنية: ظروف العمل، العلاقات الإنسانية في العمل، نظام الترقية، الأجر...

ومهما اختلفت أعراض الضغوط المهنية وآثارها بين العمال باختلاف طبيعة الأعمال وظروفها ومتطلباتها من جهة، والفروق الفردية بينهم واختلاف سماتهم الشخصية من جهة ثانية، فإنهم جميعا يسعون إلى اعتماد استراتيجيات تكيفية تسمح لهم بفك الصراع أو تجنبه للتوفيق بين حاجاتهم ومتطلباتهم وإرهاصات البيئة المحيطة، بشكل يمكنهم من التقدم والذي قد يكون سويا أو شاذا تبعا لهذه الاستراتيجيات؛ وبقدر مقاربة هذه الاستراتيجيات للسواء بقدر ما تعبر عن المستوى الذي بلغه العامل من النضج المهني إذ تركز التعريفات الحديثة للنضج المهني على أنه استعداد الفرد لاتخاذ قرارات مهنية واقعية وملائمة لعمره لاستثمار الفرص المتاحة والتكيف مع مهام الارتقاء المهني ومواجهة التحديات المحيطة والتي من بينها الضغوط المهنية.

وتهدف هذه المداخلة إلى تحليل العلاقة بين النضج المهني للعامل والاستراتيجيات التي يعتمدها للتخفيف من الضغوط المهنية التي يواجهها بهدف التكيف مع مهنته والحفاظ على صحته النفسية؛ هذا الهدف الشخصي للعامل إذا ما سحب على جميع أفراد منظمة أو جماعة العمل من شأنه أن يمثل نواة لهدف أعم وهو التخفيف من بعض مظاهر المعاناة في العمل. ويكون هذا المطلب أكثر إلحاحا عند الملتحق الجديد بالمهنة وخاصة بمهنة التعليم والتي يفترض بها مساعدة المتعلم على النمو النفسي والاجتماعي السوي، لذا حددت عينة الدراسة الميدانية لهذه المداخلة بفئة الأساتذة الملتحقين حديثا بمهنة التعليم.