السياق وأثره في توجيه المعنى النحوي في تفسير التحرير والتنوير للشيخ " الطاهر بن عاشور "

Abstract

القرآن الكريم كلام الله تعالى لعباده بلسان عربي مبين، منشأ علوم العربية ومعارفها، ولعل نزوله منجما، والدعوة إلى التأمل في الكون، كانا سببين رئيسين في تنبيه الذهن العربي إلى الربط بين النصوص القرآنية ومناسباتها، ومحاولة استكناه مراد الله تعالى، فكان ذلك سببا في ظهور بوادر سياقية قابلة لأن تصبح منهجا يعتمده الدارسون اللغويون في تعاملهم مع اللغة. وقد بدأ تفسير القرآن العظيم في عهد النبوة، وازدادت الحاجة إليه على مر العصور، ولم يخل عصر من علماء مفسرين نذكر منهم الإمام الطبري وابن تيمية والزمخشري وصولا إلى الشيخ محمد الطاهر بن عاشور صاحب تفسير (التحرير والتنوير)، وهذا الكتـاب هو مدونة الأطروحة. وهو تفسير نلمس فيه فكر الشيخ ومنهجه في استقراء جزئيات السياق في ارتباطه بمسائل اللغة والبلاغة والفقه وغيرها. والذي يعنيني في هذا الكتاب الجليل هو الجانب النحوي المرتبط بالسياق. لذلك تناولت مفهوم السياق والمعنى والعلاقة بين السياق والمعنى، وعرضت بشيء من الإيجاز للمؤلف والكتاب وأهم مصادر ابن عاشور ومنهجه في تفسيره، وأوردت بعض التطبيقات السياقية في كتب اللغويين والنحويين والبلاغيين والأصوليين والمفسرين، وتناولت طريقة تعاطيهم مع النصوص القرآنية والأدبية، وأهم الاصطلاحات التي تداولوها في هذا الباب كالحال والمقام وارتباطها بمصطلح السياق والتصاقها به، ثم عرضت أولى الدراسات السياقية الحديثة الغربية، بدءا بدو سوسير ومرورا بمالينوفسكي وصولا إلى فيرث، وكذا الدراسات العربية ممثلة في جهود تمام حسان ومحمد حماسة، ثم عرضت آراء ابن عاشور في التعامل مع النصوص. ولم يكن المقصود من هذه الدراسة أن استقصي المسائل النحوية ولا إعراب جملها، وإنما كان الوقوف على مدى حضور السياق في تفسير ابن عاشور من خلال تتبع أثر السياق في بيان الرتبة وعلاقتها بالسياق في الدرس اللغوي، وطريقة ابن عاشور في تناول الرتبة، وكذا أثر السياق في إثبات الحذف وبيان المقدر، ثمأثر السياق في توجيه الاسم المنصوببين ابن عاشور وتوجيه السابقين، ومسألة الاشتغال، والمنادى العلم المفرد، وما انفرد به ابن عاشور من القول فيه. وكان من أهم نتائج البحث سبق الدارسين العرب القدماء في الممارسة السياقية الدارسين الغربيين، وتأثر الدارسين العرب المحدثين بنتائج الدراسات اللغوية الغربية خصوصا ما تعلق منها بالسياق، وتسجيل أبرز مسوِّغات الترجيح عند ابن عاشور ومنهجه في تحكيم السياق والأسس التي استند إليها في توجيهاته، وما ترتب على ذلك من ترجيح ومنع.